000-041- البحر
وأحواله والسفينة والغرق والأنهار والآبار والمياه وظروفها من الدلاء والخوابي والجرر والكيزان
البحر: في التأويل سلطان مهيب قوي كما أن البحر أعظم الأنهار.
الماء: يدل على الإسلام والعلم وعلى الحياة والخصب والرخاء لأنّ به حياة كل شيء كما قال الله تعالى: " لأسْقَيْنَاهًمْ مَاءً غَدَقَاً لِنَفْتِنَهًمْ فيهِ " .
وربما دل على النطفة لأنّ الله تعالى سماها ماء والعرب تسمي الماء الكثير نطفة ويدل على المال لأنّه يكسسب به فمن شرب ماء عذباً صافياً من بئر أو سقاء ولم يستوعب آخره فإن كان مريضاً أفاق من علته ودامت حياته ولم تتعجل وفاته وإن لم يكن مريضاً تزوج إن كان عزباً لتلذذه بشربه ونزول الماء من أعلاه إلى ذكره وإن كان متزوجاً ولم ينكح أهله في ليلة اجتمع معها وتلذذ بها.
وإن لم يكن شيء من ذلك أسلم إن كان كافراً ونال علماً إن كان صالحاً وللعلم طالباً وإلا نال ديناً حلالاً إن كان تاجراً إلاّ أن يدخل على الماء ما يفسده فيدل ذلك على حرامه وإثمه مثل أن يشربه من دور أهل الذمة فإما علم فاسد أو وطء رديء أو مال خبيث.
وإن كان الماء كدراً أو مراً أو منتناً فإنّه يمرض أو يفسد كسبه أو يتمرر عيشه أو يتغير مذهبه لكل إنسان على قدره وما يليق به وبالمكان الذي شرب منه والإناء الذي كان فيه.
وأما من حمل ماء في وعاء فإن كان فقيراً أفاد مالاً وإن كان عزباً تزوج وإن كان متزوجاً حملت زوجته أو أمته منه إن كان هو الذي أفرغ الماء في الوعاء أو زوجته أو خادمه من بئره أو وزيره أو قريبه.
وأما جريان الماء في البيوت ودخوله إلى الدور فلا خير فيه فإن كان ذلك عاماً في الناس دخلت عليهم فتنة أو مغرم أو سبي أو أسقام أو طواعين وإن كان ذلك في دار مخصوصة نظرت في أمرها فإن كان فيها مريض مات فسعى الناس إليه في نعيه بالبكاء والدموع.
وكذلك إن سالت في البيت ميازيب أو انفجرت فيه عيون فإنها عيون باكية على موت المريض أو عند وداع المسافر أو في شر ومضاربة بين ساكنيه أبلاء يحل فيه من مرض أوسلطان.
وكذلك جريان الماء أو ركوده يؤذن باجتماع جمع من الناس.
وجريانه في أماكن النبات يؤذن بالخصب وكثرته وغلبته على المساكن والدور من عيون الأرض أو سيولها بلاء من الله عزّ وجلّ على أهل ذلك المكان إما طاعون جارف أو سيف مبيد إن تهدمت له المساكن وغرق فيه الناس وإلا كان عذاباً من السلطان أو جائحة من الجوائح.
فإن رأىِ أنّه أعطي ماء في قدح دل ذلك على الولد وإن شرب ماء صافياً في قدح نال خيراً من ولده أو زوجته لأنّ الزجاج من جوهر النساء والماء جنين.
وقال بعضهم: من رأى كأنّه
يشرب ماء سخناً أصابه غم فإن رأى أنّه ألقى في ماء صاف سر مفاجأة.
وقيل أنِّ عين الماء لأهل الصلاح خير ونعمة لقوله تعالى: " فيهمَا عَيْنَان تَجْرِيَان " .
ولغير أهل الصلاح مصيبة.
وانفجار الماء من حائط حزن من الرجال مثل أخ أو صهر أو صديق فإن رأى أن الماء انفجر وخرج من الدار فإنّه يخرج من الهموم كلها وإن لم يخرج منها فإنه هم دائم.
فإن كان ذلك المكان صافياً فهو حزن في صحة جسم.
وهذا كله في العين إذ لم تكن جارية فإن كانت جارية فهو خير جار لصاحبه حياً وميتاً إلى يوم القيامة.
وقال بعضهم من رأى كأنّ في داره عين ماء جارية فإنّه يشتري جارية.
وإذا رأى كأنّ عيوناً انفجرت فإنّه ينال أموالاً في توبيخ.
والماء الصافي رخص الأسعار وبسط العدل ومن رأى كأنّه شرب ماء كثيراً أكثر من عادته في اليقظة فإن عمره يطول.
وقيل إنَّ شرب الماء سلامة من العدو ومضغه معالجة الكد والشدة في المعيشة.
وبسط اليد في الماء تقليب مال وتصرف فيه.
والماء الراكد أضعف من الماء الجاري في كل حال وقيل أنّ الماء الراكد حبس فمن رأى أنّه سقط في ماء راكد فهو في حبس وغم والماء المالح غم وأما الأسود إذا نزح من البئر فإنّها امرأة يتزوجها ولا خير فيها.
وقيل أنَّ رؤية الماء الأسود خراب الدور وشربه ذهاب البصر.
والماء الآسن عيش نكد والماء المنتن مال حرام والماء الأصفر مرض وغور الماء عزل وذل وزوال النعمة لقوله تعالى: " قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأتِيَكُمْ بمَاءٍ مَعِينٍ " .
والماء الحار الشديد الحرارة إذا رأى كأنّه استعمله بالليل أو بالنهار أصابته شدة من قبل السلطان وإذا رأى كأنّه استعمله بالليل أصابه فزع من الجن.
والماء الكدر عسر وتعب وشربه مرض.
وزبد الماء مال لا خير فيه.
ومن شرب من ماء البحر وهو كدر أصابه هم من الملك.
وِمن رأى كأنّه نظر في ماء صاف فرأى وجهه فيه كما يراه في المرآة فإنّه ينال خيراً كثيراً.
فإن رأى وجهه فيه حسناً فإنّه يحسن إلى أهل بيته.
وصب الماء إنفاق المال في غير ظروفه من صرة أو ثوب دليل الغور لأنّه يظن أنّه أحرزه ولم يحرزه.
والوضوء من ماء لا يكره صافياً كان أو كدراً حاراً أو بارداً بعد أن يكون نظيفاً يجوز به الوضوء لأنّ الوضوء أقوى في التأويل من مخارج الماء واختلافه.
ويكره من العيون ماء كدر لم يجر.
والمشي فوق الماء غرور ومخاطرة فإن خرج منه قضيت حوائجه.
ومن رأى أنّه في ماء عميق كثير ونزل فيه فلم يبلغ قعره فإنّه يصيب دنيا كثيرة ويتمول وقيل بل يقع في أمر رجل كبير.
والاغتسال بالماء البارد توبة وشفاء من المرض والخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف.
ومن رأى كأنّه يشرب ماء كثيرأ عذباً كان طول حياة وطيب عيش فإن شربه من البحر نال مالاً من الملك وإن شربه من النهر ناله من رجل حاله في الرجال كحال ذلك النهر في الأنهار وإن استقاه من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر.
ومن رأى أنّه يستقي ماء ويسقي به بستاناً وحرِثاً أفاد مالاً من امرأة فإن أثمر البستان أو سنبل الزرع أصاب من تلك المرأة مالاً وولداً وسقي البستان والزرع مجامعة امرأته.
والماء في قدح زجاج ولد فإن انكسر القدح وبقي الماء ماتت الأم وبقي الولد وإن ذهب الماء وبقي القدح مات الولد وبقيت الأم.
سئل ابن سيرين عن امرأة رؤي لها أنّها تسقي الماء فقال: لتتق الله هذه المرأة ولا تسعى بين الناس بالكذب.
وجاءه رجل فقال: رأيت كأنّي أشرب من خرق ثوبي ماء لذيذاً بارداً فقال: اتق الله ولا تخلون بامرأة لا تحل لك فقال: إنّما هي امرأة خطبتها إلى نفسي.
البحر: أما البحر فدال على كل من له سلطان على الخلق كالملوك والسلاطين والجباة والحكام والعلماء والسادات والأرواح لقوته وعظيم خطره وأخذه وعطائه وماله وعلمه ماؤه وموجه رجاله أو صولاته أو حججه وأوامره وسمكه رعيته ورجاله أرزاقه وأمواله أو مسائله وحكمه ودوابه قواده وأعوانه وتلاميذه وسفنه عساكره ومساكنه ونساؤه وأمناؤه وتجاراته وحوانيته أو كتبه ومصاحفه وفقهه.
وربما دل البحر على الدنيا وأهوالها تعز واحداً وتموله وتفقر آخر وتقتله وتَملكه اليوم وتقتله غداً وتمهد له اليوم وتصرعه بعده.
وسفنه أسواقها ومواسمها وأسفارها الجارية تغني أقواماً وتفقر آخرين.
ورياحه أرزاقها وأقبالها وحوادثها وطوارقها وأسقامها وسمكه رزقها وحيوانه وربما دل البحر على الفتنة الهائجة المضطربة الفائضة وسفنه عصمة الله تعالى لمن عصم فيها وأمواجه ترادفها وسمكه أهلها الخاطئون فيها الذين لا يرحم صغيرهم كبيرهم بل يأكله ويستأكله ويهلكه إن قدر عليه ودوابه رؤساؤها وقادتها وأهل البأس والسر فيها.
وربما دل على جهنم وسفنه كالصراط المنصوب عليها فناج ومخدوش م ومكدوس وغريق في النار وأمواجه زفيرها.
فمن رأى نفسه في بحر أو رؤى له ذلك فإن كان ميتأ فهو في النار لقوله تعالى: " أُغْرِقُوا فادْخِلوا نَارَاً " .
فكيف بالميت إن كان غريقاً.
وإن كان مريضاً اشتدت به علته وعظم بحرانه فإن غرق فيه مات من علته وإن لم يكن مريضاً داخل سلطاناً إن كان ذلك في الصيف وفي هذه البحر أو يسبح في العلم ويخالط العلماء أو يتسع في الأموال والتجارة على قدر سبحه في البحر واقتداره على الماء فإن غرق في حاله ولم يمت في غرقه ولا أصابه وجل ولا غم تبحر فيما هو فيه ومنه قولهم غرق فلان في الدنيا وغرق في النعيم والعلم ومع السلطان فإن مات شي غرقه فسد دينه وساء قصده في مطلوبه لاجتماع المولد والغرق.
أما إن دخله أو سبح فيه في الشتاء والبرد أو في حين ارتجاجه نزل به بلاء من السلطان إما سجن أو عذاب أو يناله مرض واستسقاء ورياح ضارة أو يحصل في فتنة مهلكة.
فإن غرق في حينه قتل في محلته أو فسد دينه في فتنة.
ومن أخذ من مائه فشربه أو اقتناه جمع مالاً من سلطان مثله أو كسب من الدنيا نحوه.
ومن دخل البحر فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من الملك الأعظم أو من سلطان ذلك المكان.
ومن قطع بحراً أو نهراً إلى الجانب الآخر قطع همساً وهولاً أو خوفاً وسلم منه.
وقال بعضهم: من رأى البحر أصاب شيئاً كان يرجوه ومن رأى أنّه خاض البحر فإنّه يدخل في عمل الملك ويكون منه على غرر فإن شرب ماءه كله فإنّه يملك الدنيا ويطول عمره ويصيب مثل مال الملك أو مثلِ سلطانه أو يكون نظيره في ملكه.
فإن شربه حتى روي منه فإنّه ينال من الملك مالاً يتمول به مع طول حياته وقوته فإن استقى منه فإنّه يلتمس من الملك عملاً ويناله بقدر ما استقى منه فإنَّ صبه في إناء فإنّه يجني مالاً كثيراً من ملك أو يعطيه الله تعالى دولة يجمع فيها مالاً والدولة أقوى وأوسع وأدوم من البحر لأنّها عطية الله.
ومن اغتسل من البحر فإنّه يكفر عنه ذنوبه ويذهب همه بالملك.
ومن بال في البحر فإنه يقيم على الخطايا.
ومن رأى البحر من بعيد فإنّه يرى هولاً وقيل يقرب إليه شيء يرجوه.
ورؤية البحر هادئاً خير من أن تكون أمواجه مضطربة.
والبحيرة: تدل على امرأة ذات يسار تحب المباشرة لأنّ البحيرة واقفة لا تجري وهي تقتل من يقع فيها ولا تدفعه.
والموجِ شدة وعذاب لقوله تعالى: " غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُلَل " .
وقال تعالى: " وحَالَ بَيْنهمَا الموج " .
وحكي أن تاجراً رأى كأنّه يمشي في البحر ففزع فزعاً شديداً لهيبة البحر فقص رؤياه على معبر.
فقال: إن كنت تريد السفر فإنّك تصيب خيراً.
وذلك أنّ رؤياه تدل على ثبات أموره.
ورأى رجل كأنّ ماء البحر غاض حتى ظهرت حافتاه.
فقصها على ابن مسعدة فقال: بلاء ينزل على الأرض من قبل الخليفة أو قحط في البلدان أو سلب مال الخليفة.
فما كان إلا يسيراً حتى قتل الخليفة ونهب ماله وقحطت البلدان.
ومن رأى كأنّه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً.
وإذا رأى أنّ ماء البحر أو غيره من المياه زاد حتى جاوز الحد وهو معنى المد حتى دخل الدور والمنازل والبيوت فأشرف أهلها على الغرق فإنّه يقع هناك فتنة عظيمة.
والأصل في الماء الغالب هم وفتنة لأنّ الله تعالى سمى غلبته وكثرته طغيانَاً وقال إنّ الغرق يدل على ارتكاب مصيبة كبيرة وإظهار بدعة والموت في الغرق موت على الكفر.
وأما الكافر إذا رأى أنّه غرق في الماء فإنّه يؤمن لقوله تعالى: " حتّى إذَا أدرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ " .
ومن رأى كأنّه غرق وغاص في البحر فإنَّ السلطان يهلكه.
فإن رأى كأنّه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو مرة ويحرك يديه ورجليه فإنّه ينال ثروة ودولة.
فإن رأى كأنّه خرج منه ولم يغرق فإنّه يرجع إلى أمر الدين خصوصاً إذا رأى على نفسه ثياباً خضراً.
وقيل من رأى أنّه مات غريقاً في الماء كاده عدوه والغرق في الماء الصافي غرق في مال كثيرة.
وأما السباحة: فمن رأى أنّه يسبح في البحر وكان عالماً بلغ في العلم حاجته فإن سبح في البر فإنّه يحبس وينال ضيقاً في محبسه ويمكث فيه بقدر صعوبة السباحة أو سهولتها وبقدر قوته.
فإن رأى أنّه يسبح في واد مستوياً حتى يبلغ موضعاً يريده فإنّه يدخل في عمل سلطان جائر جبار يطلب منه حاجة يقضيها له ويتمكن منه ويؤمنه الله تعالى على قدر جريه في الوادي.
فإن خافه فإنّه يخاف سلطاناً كذلك وإن نجا فإنّه ينجو منه وإن دخل لجة البحر وأحسن السباحة فيها فإنّه يدخل في أمر كبير وولاية عظيمة ويتمكن من الملك وينال عزاً وقوة.
وإن سبح على قفاه فإنّه يتوب ويرجع عن معصية.
ومن سبح وهو يخاف فإنّه ينال خوفاً أو مرضاً أو حبساً وذلك بقدر بعده من البر.
وإن ظن أنّه لا ينجو منه فإنّه يموت في ذلك الهم وإن كان جريئاً في سباحته فإنّه يسلم من ذلك العمل.
وإن رأى سلطان أنّه يريد أن يسبح في بحر والبحر مضطرب بموجه فإنّه يقاتل ملكاً من الملوك فإن قطع البحر بالسباحة قتل ذلك الملك.
وكل بحر أو نهر أو واد جف فإنّه ذهاب دولة من ينسب إليه فإن عاد الماء عادت الدولة.
وقيل إذا رأى الإنسان كأنّه قد نجا من الماء سباحة قبل انتباهه من نومه فهو خير من أن ينتبه وهو في الماء يسبح.
وقيل من رأى كأنّه يسبح خاصم خصماً وغلب خصمه ونصر عليه.
والمشي فوق الماء في بحر أو نهر يدل على حسن دينه وصحة يقينه وقيل بل يتيقن أمراً هو منه في شك وقيل يسافر سفراً في خطر على توكل.
ومن رأى كأن الماء يجري على سطحه أصابته بلية من السلطان دالة على رجِل المسلط الذي لا يقدر عليه إلا بملاطفة لجريانه وسلطانه.
والراكد منه أهون مراماً وألطف أمراً ويدل على المحارب القاطع للطريق فإن كان مسافراً قطع عليه الطريق لص أو أسد أو عقله عن سفره مطر أوِ سلطان أو صاحب مكس.
وإن كان حاضراً نالته غمة وبلية لقوله تعالى: " مُبْتَلْيِكُمْ بِنهْر " .
وأما سلطان يقدم إليه سيما إن دخل فيه.
فإما أن يسجنه أو يأمر بضربه أو يناله حزن إذا كان قد ناله منه وجل أو منعه من الخلاص منه تياره فإما مرض يقع فيه من برد أو استسقاء فكيف إن كان ذلك في الشتاء وكان ماؤه كدراً فهو أشد في جميع ما يدل عليه فإن قطعه وجاوزه أو خرج منه نجا من كل ما هو فيه من الغم والأسقامٍ ومن كل ما يدل عليه من البلايا والأحزان.
ومن استقى من نهر فشرب أصاب مالاً من رجل خطير كقدر ذلك النهر.
ومن دخل نهراً فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من رجل حاله كحالة ذلك النهر في الأنهار.
ومن قطع نهراً إلى الجانب الآخر قطع هماً أو هولاً أو خوفاً وسلم منه إن كان فيه وحل.
والنهر الكبير: الغالب رجل منيع ذو سلطان ودخول السلطان إليه وصفاء الماء عدل السلطان ورجوع الماء إلى وراء عزل السلطان وعلو الماء فوق المقدار علو من ذلك السلطان فوق مقداره وصعوده السطح قهر السلطان رعيته وإخلاله بالجذوع أسره للرجال وذهاب الماء بالطعام إغارة السلطان على أموالهم وذهابه بالفرش سبيه لنسائهم وحفر النهر إصابة مال وكذلك الماء فيه وكذلك رؤية الرجل الماء في بستانه رزق يساق إليه لقوله تعالى: " نَسُوقُ المَاءَ إلى الأرْض الجُرزِ " .
فان رأى كأنّه وقع في ماء ثم خرج منه فإنّه يقع في حزن ثم يخرج منه.
فإن رأى كأنه وثب من النهر إلى شطه فإنّه ينجو من شر السلطان وينال ظفراً على الأعداء لقوله تعالى: " فَلَمّا جَاوَزَهُ هُوَ والذِينَ آمَنُوا مَعَهُ " .
وأما دجلة: فمن شرب ماءها فإنّه ينال الوزارة إن كان من أهلها ويصيب مال الوزير.
ومن رأى أنّه يشرب من ماء الفرات نال بركة ونفعاً ونعمة.
فإن رأى أنّ ماء الفرات قد يبس فإنّه يموت الخليفة أو يذهب ماله وربما وقع التأويل على وزير الخليفة.
ومن شرب من نهر النيل فإنّه ينال ذهباً بقدر ما شرب.
ومن رأى أنّ ماء الوادي غمره من غير أن يغرق فيه فإنّه يصيبه غم غالب.
وإن خرج منه نجا من الغم وإن رأى الإنسان كأن ماء النهر يختطفه أو شيئاً منِ دوابه أو متاعه أو يذهب به فإنّه مضر وخسران له فإن رأى كأنّ يجري إلى بيته نهراً صافي الماء دل على يسار ومال وقيل أنّ ذلك للغني علة تصيبه ومنفعة تكون لأهل البيت.
فإن رأى نهراً يجري من بيته والناس يشربون منه فإنّه إن كان غنياً أو ذا شرف فذلك يدل على خير ومنافع تكون منه لأهل البلد يكرمهم وينفق عليهِم ويأتي منزله قوم كثيرون محتاجون وينالون منه منفعة وإن كان صاحب الرؤيا فقيراً فإنّه يطرد امرأته أو ابنه أو أحداً من بيته بسبب زنا أو فعل قبيح.
فإن رأى أنّه يجري إلى بيته ماء صافياً دل على يسار ومال.
السواقي: الساقية تدل على مجرى الرزق ومكانه وسببه كالحانوت والصناعة والسفر ونحو ذلك.
وربما دل على القروح لمدها بالماء فهي مجراه مع سبقها البساتين وربما دلت على السقاء والسقاية لحملها للماء ومجيئها به.
وربما دلت على محجة طريق السفر لسير المسافرين عليها كالماء.
وربما دلت على الخلق لأنّه ساقية الجسم.
وربما دلت على حياة الخلق إن كانت للعامة أو حياة رأسها إن كانت خاصة.
فمن رأى ساقية تجري بالماء من خارج المدينة إلى داخلها في أخدود بماء صاف والناس يحمدون الله عليها أو يشربون من مائها ويملؤون آنيتهم منها فانظر إلى ما فيهم فإن كانوا في وباء انجلى عنها وأمدهم الله سبحانه بالحياة وإن كانوا في شدة أتاهم الله بالرخاء إما بمطر دائم أو رفقة بالطعام وإن لم يكونوا في شيء من ذلك أتتهم رفقة بأموال كثيرة لشراء السلع وما كسد عندهم من المتاع وإن كان ماؤها كدراً أو مالحاً أو خارجاً على الساقية مضراً بالناس فإنّه سوء يقدم على الناس وشر فيهم إما سقم عام كالزكام في الشتاء والحمى في الصيف أو خبر مكروه على المسافرين أو غنائم حرام وأموال خبيثة تدخل على قدر الرؤيا وزياداتها.
وأما من رآها جارية إلى داره أو حانوته فدليلها عائد عليه في خاصته على قدر صفائها
وطيب مائها واعتدال جريانها.
ومن رآها جارية إلى بستانه أو فدانه نظرت في حاله فإن كان عزباً تزوج أو اشترى جارية ينكحها فإن كانت له زوجة أو جارية وطئها وحملت منه إن شربت أرضه أو بستانه أو نبت نباته وإن رأى جريانها شنعاً بخلاف ما تجري السواقي به إن كان ماؤها دماً فإنّ أهله ينكحها غيره إما في عصمته أو من بعد فرقه على قدر حاله وما في زيادة منامه.
وقال بعضهم: الساقية التي يسدها الرجل الواحد ولا يغرق فيها فهي حياة طيبة لمن ملكها خاصة إذا نقص الماء من مجراه المحدود في الأرض فإن فاض عن مجراه يميناً وشمالاً فهو هم وحزن وبكاء لأهل ذلك الموضع وكذلك لو جرت الساقية في خلال الدور والبيوت فإنّها حياة طيبة للناس.
حكي أنّ رجلاً رأى ساقية مملوءة زبلاً وكناسة وقد كان أخذ مجرفة ونظف تلك الساقية وغسلها بماء كثير لتكون جرية الماء فيها سريعة صافية فعرض له أنّه أصبح من الغد وقد احتقن وأسهل طبيعته.
الحوض: رجل سلطان شريف نفاع فإن رأى حوضاً ملآن فإنّه ينال كرامة وعزاً من رجل سخي.
فإن توضأ منه فإنه ينجو من هم.
القنوات: القناة تدل على خادم الدار لما يجري فيها من أوساخ الناس وأهلها وربما دلت على الفرج الحرام سيما الجارية في الطرقات والمحلات المبذولة لكل من يطأ عليها ويبول فيها لقذارتها لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كنى عن الفاحشة بالقاذورة.
وربما دلت على الفرج والغمة لأنه فرج أهل الدار إذا جرت وهمهم إذا انحسرت أو انسدت.
فمن رأى قناة داره قد انسدت حملت خادمه أو نشزت زوجته أو منعته نفسها فاهتم لذلك أو سدت عليه مذاهبه فيما هو له في اليقظة طالب من رزق أو نكاح أو سفر أو خصومة.
وقد يدل ذلك على حصر يصيبه من تعذر البول.
وأما القناة المجهولِة فمن بال فيها دماً أو سقط فيها وتخضب بمائها وتلطخ بنجاستها أتى امرأة حراماً بزنا أو غير ذلك إن لاق ذلك به وإلا وقع في غمة وورطة من سبب خادم أو امرأة أو غير ذلك على قدر زيادة الرؤيا وما في اليقظة.
والناعورة: خادم يحفظ أموال الناس في السر وقيل الدواليب والنواعير دوران التجارات
والأموال وانتقال الأحوال على السفر.
الجرة: أجير منافق يجري على يديه مال ويؤتمن عليه وشرب الماء منها مال حلال وطيب عيش.
فمن رأى أنّه شرب نصف مائها فقد نفد نصف عمره فإن شرب أقل أو أكثر فتأويله ما بقي أو نفد من عمره وكذلك في سائر الأواني فقِس عليه.
وقيل الجرة امرأة أو خادم أو عبد وربما دلت إذا كانت مملوءة زيتاً أو عسلاً أو لبناً لأهل الدنيا على المطمورة والمخزن والكيس وعلى العقدة ومن بدرة فأقل.
وكذلك سائر أوعية الفخار من الكيزان والقلال وغيرها تجري مجرى الجرة.
الكيزان: هي الجواري والخدم والمستحبون للنكاح والوطء فمن شرب منها أفاد مالاً من جهنم وانكسار مؤنهم.
وقال بعضهم: من رأى أنّه شرب ماء في موضع غير مألوف على ظهر سفرة في إناء مجهولة من يد ساق مجهول فإنّه قد نفد من عمره بقدر ما شرب من الإناء.
وربما كان ذلك نفاد رزقه من البلدة الذي هو فيها أو المحلة أو السوق وأشباه ذلك.
وكل ماء عذب في إناء فهو مال مجموع حلال.
والبرادة: قيل هي امرأة رئيسة رفيعة نافعة ذات خدم كثيرة.
والخابية: امرأة خيرة والشرب منها مال يناله من قبلها.
ومن رأى كأنّه استقى ماء وصبه في خابية فإنّه يحتال مالاً ويودعه لامرأة.
والخابية تجري مجرى الزير.
زير الماء: وهو الحب يدل على قيم الدار ويدل على مخزنه وحانوته وعلى زوجته الحاملة لمائه والقربة دالة على نحو ما دل عليه.
الزير والبربخ: رجل حازم قد جرب السلطان وإذا جرى الماء فيه فإنّه وال وإذا لم يجرِ فيه فإنه معزول.
حكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أشرب من قلة ضيقة الرأس.
قال تراود جارية عن نفسها.
وسئل ابن سيرين عن رجل أخذ جرة وأوثق فيها حبلاً وأدلاها في ركية فلما امتلأت الجرة انحل الحبل وسقطت الجرة.
فقال: الحبل ميثاق والجرة امرأة والماء فتنة والركية مكر وهذا رجل بعثه صاحب له يخطب عليه امرأة فمكر الرجل وتزوجها.
فقال: امرأتك حامل قال نعم.
قال: فإنّها تموت ويبقى الولد.
الدلو: رجل يستخرج أموالاً بالمكر فمن رأى أنّه يدلو من بئر ماء ويحوي الماء في إنائه فإنّه يحوي مالاً من مكر.
فإن رأى أنّه يفرغه في غير إناء فإنّه لم يلبث معه ذلك الماء حتى يذهب وتذهب منافعه عنه.
فإن سقاه بستانه فإنّه يصيب به امرأة ويصيب منها إصابة.
فإن أثمر البستان أصاب منها ولداً على نحو ما يرى من تمام ذلك.
فإن رأى بئراً عتيقة فسقى منها إبلاً أو أناساً أو بهائم فهو يعمل خير الأعمال وأشرفها من البر على قدر قوته وجده فيه وهو بمنزلة الراعي الذي يفرغ الماء من البئر على رعيته من الإبل والشاء.
ومن رأى أنّه يدلو من بئر عتيقة ويسقي الحيوان فهو مراء لدين أو لدنيا بقدر قوته عليها.
وإن رأى أنّه يدلو لنفسه خاصة فهو يبلغ في عمله بمصلحة دنيا بمقدار قوته لنزعة الدلو لدنياه خاصة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني على قليب أنزع على غنم سود ثم أخذ أبو بكر الدلو بعد ونزع ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف و الله يغفر له ثم أخذ الدلو من بعده عمر بن الخطاب وخالط الغنم غنم بيض فاستحالت الدلو في يده غرباً فلم أر عبقرياً من الرجال يفري فريك يا ابن الخطاب.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن عباس فقال: رأيت كأنّي أدليت دلواً في بئر وامتلأ ثلثا الدلو وبقي الثلث.
فقال: غبت عن أهلك منذ ستة أشهر وامرأتك حامل وستلد لك غلاماً.
فقال: ما الدليل قال: لأني جعلت البئر امرأة والبشارة التي كانت في الجب كان يوسف عليه السلام فعلمت أنّه غلام وأما ثلثا الدلو فستة أشهر والثلث الباقي ثلاثة أشهر.
فقال: صدقت قد ورد كتابها بأنّها حامل منذ ستة أشهر.
والبكرة: رجل نفاع مؤمن يسعى في أمور الناس من أمور الدنيا والدين فمن رأى أنّه يستقي بها ماء ليتوضأ به فإنّه يستعين برجل مؤمن معتصم بدين الله تعالى لأنّ الحبل دين.
فإن توضأ وتم وضوءه به فإنه يكتفي كل هم وغم ودين.
وقيل الدلو يدل على من ينسب إلى المطالبة ومنه دلونا إليه بكذا وكذا أو توسلنا فمن أدلى دلوه في بئر نظرت في حاله فإن كان طالب نكاح نكح فكان عصمته وعهده النكاح والدلو ذكره وماؤه نطفته والبئر زوجته وإن كان عنده حمل أتاه غلام كما في قوله تعالى: " فَأدْلَى دَلْوَه قَالَ يا بُشْرَى هَذَا غلاَم " .
وإلا أفاد فائدة من سفر أو مطلب لأنّ السيارة وجدوا يوسف عليه السلام حين أدلوا دلوهم فشروه وباعوه بربح وفائدة قال الشاعر:
وما طلب الـمـعـيشة بـالـتـمـنـيِ ولـكـن ألـق دلـوك فـي الـــدلاء
تجـيء بـمـلـئهـا طـوراً وطـوراً تـجـيء بـحـمـأة وقــلـــيل مـــاء
وإن كان المستقي بالدلو طالباً للعلم كانت البئر أستاذه الذي يستقي منه علمه وما جمعه من الماء فهو حظه وقسمه ونصيبه.
السفينة: دالة على كل ما ينجى فيه مما يدل الغرق عليه لأنّ الله سبحانه نجى بها نوحاً عليه السلام والذين معه مما نزل بالكفار من الغرق والبلاء.
وتدل على الإسلام الذي به ينجى من الجهل والفتنة.
وربما دلت على الزوجة والجارية التي تحصن وينجى بها من النار والفتن لأنّ الله سبحانه سماها جارية.
وربما دلت على الوالد والوالدة اللذين كانت بهما النجاة من الموت والحاجة لا سيما أنها كالأم الحاملة لولدها في بطنها.
وربما دلت على الصراط الذي عليه ينجو أهل الإيمان من النار وربما دلت على السجن والهم والعقلة إذا ركدت لقصة يونس عليه السلام.
فمن رأى أنّه ركب سفينة في البحر فانظر إلى حاله ومآل أموره فإن كان كافراً أسلم سيما إن كان صعد إليها من وسط البحر من بعدما أيقن بالهلاك وإن كان مذنباً تاب من ذنبه.
وإن كان فقيراً استغنى من بعد فقره.
وإن كان مريضاً أفاق من مرضه إلا أن يكون ركبها مع الموتى وكان في الرؤيا ما يؤكد الموت فيكون ركوبها نجاة من فتن الدنيا.
وإن كان مفيقاً وكان طالب علم صحب عالماً أو استفاد علماً ينجو به من الجهل لركوب موسى مع الخضر عليه السلام في السفينة.
وإن رأى ذلك مديون قضى دينه وزال همه.
وإن رأى ذلك محروم ومن قدر عليه رزقه.
أتاه الله الرزق من حيث لا يحتسب إذا كانت تجري به في طاروسها فيدل ذلك على ريح الربح وطاروس الإقبال.
وإن رأى ذلك عزب تزوج امرأة أو اشترى جارية تحصنه وتصونه.
وإن رأى فيها ميتاً في دار الحق نجا وفاز برحمة الله تعالى من النار وأهوالها.
وكذلك في المقلوب لو رأى من هو في البحر كأنّه في المحشر وقد ركب على الصراط أوجازه فإنّه ينجو في سفينته وممره من هول بحره وحوادثه إلا أن يكون أصابه في المنام في ممره من النار سوء فإنه يناله في البحر مثل ذلك ونحوه.
وإن جرت بمسجون نجا من سجنه وتسبب في نجاته وإن وصل إلى ساحل البحر أو نزل إلى البر كان ذلك أعجل وأسرع وأحسن.
وأما إن رأى السفينة راكدة وأسواج البحر عاصفة دام سجنه إن كان مسجوناً وطال مرضه إن كان مريضاً
ودام تعذر الرزق عليه وعجز عن سفر إن حاول ذلك وتعذر عليه الوصول إلى زوجته إن كان قد عقد عصمتها وفتر عن طلب العلم إن كان طالباً لا سيما إن كان ذلك في الشتاء وارتجاج البحر.
وقد يدل ذلك على السجن لما جرى على يونس عليه السلام من الحبس في بطن الحوت حين وقفت سفينته.
إلا أنّ عاقبة جميع ما وصفناه إلى خير إن شاء الله ونجاة لجوهر السفينة وما تقدم لها وفيها من نجاة نوح عليه السلام ونجاة الخضر وموسى عليهما السلام ونجاة السفينة من الملك الغاضب لأنّ الخضر عابها وخلع لوحاً من ألواحها مع حسن عاقبة يونس عليه السلام من بعد حاله وما نزل به.
ولذلك قالوا لو عطبت السفينة أو انفتحت لنجا من فيها إلا أن يخرج راكبها إلى البر أو يسعى به فيه فلا خير فيه.
فإن كان مريضاً مات وصار إلى التراب محمولاً حملاً شنيعاً فإن كان في البحر عطب فيه ولعل مركبه تنكسر لجريانه في غير مجراه.
بل من عادته في اليقظة إذا دفع بطاروسه إلى البر انكسر وعطب.
وإن رأى طالب علم أنّ سفينته خرجت إلى البر ومشت به عليه خرج في علمه وجدله إلى بدعة أو نفاق أو فسوق لأنّ الفسوق هو الخروج عن الطاعة وأصل البروز والظلم ومنع الشيء في غير مكانه فمن ركوب السفينة من الماء الذي به نجاتها وهو عصمتها إلى الأرض التي ليس من عادتها أن تجري عليها فقد خرج راكبها كذلك عن الحق والعصمة القديمة.
فإن لم يكن ذلك فلعلّه يحنث في زوجته ويقيم معها على حالته أو لعله يعتق جاريته ويدوم في وطئها بالملك أو لعل صناعته تكسد ورزقه يتعذر فيعود يلتمسه من حيث لا ينبغي له.
وأما إن جرت سفينته في الهواء على غير الماء فجميع ما دلت عليه هالك إما عسكر لما فيها من الخدمة والريش والعدة وإما مركوب من سائر المركوبات وقد تدل على نعش من كان مريضاً من السلاطين والحكام والعلماء والرؤساء وقال بعضهم: من رأى أنّه في سفينة في بحر داخل ملكاً عظيماً أو سلطاناً.
والسفينة نجاة من الكرب والهم والمرض والحبس لمن رأى أنّه ملكها.
فإن رأى أنّه فيها كان في ذلك إلا أن ينجو فإن خرج منها كانت نجاته أعجل فإن كان فيها وهو على أرض يابسة.
كان الهم أشد والنجاة أبعد فإن رأى وال معزول أنّه ركب في سفينة فإنّه يلي ولاية من قبل الملك الأعظم على قدر البحر ويكون الولاية على قدر أحكام السفينة وسعتها وبعد السفينة من البر بعده من العزل.
وقيل إنّ ركوب السفينة في البحر سفر في شدة ومخاطرة وبعدها من البر بعده من الفرج.
وإن كان في أمر فإنّه يركب مخاطرة فإن خرج منها فإنّه ينجو ويعصي ربه لقوله تعالى: " فَلَمّا نَجّاهُم إلىَ البَرِّ إذَا هُمْ يُشْرِكُون " .
فإن كان صاحب الرؤيا قد ذهبت دولته أو كان تاجراً قد ضاعت تجارته فإنَّ السفينة رجوع ذلك.
فإن غرقت السفينة وتعلق منها بلوح فإنَّ السلطان يغضب عليه إن كان والياً ثم ينجو وترجع إليه الولاية.
وإن كان تاجراً فهو نقصان ماله ويعوض عنه وإن غرقت فهو بمنزلة الغريق.
ومن رأى أنّه في سفينة في جوف البحر فإنّه يكون في يدي من يخافه ويكون موته نجاة من شر ما يخافه.
وغرق سفينته وتفرق ألواحها مصيبة له فيمن يعز عليه.
وقيل أنّ غرق السفينة سفر في سلامة لقوله تعالى: " سَخّرَ لَكُمْ الفُلْكَ لِتَجْريَ فِي البَحْرِ بأمْره " .
والسفينة المشحونة بالناس سلامة لمن كان فيها في سفر لقوله تعالى: " فأنجيْناه وَمَنْ مَعَهُ في الفُلْكِ المَشْحُونِ " .
وأخذ مجذاف السفينة إصابة علم أو نيل مال من شكوة.
وأخذ حبل السفينة حسن الدين وصحبة الصالحين من غير أن يفارقهم لقوله تعالى: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جَمِيعاً ولا تَفَرّقُوا " .
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي في سفينة سوداء لم يبق منها إلا الحبال.
قال: أنت رجل لم يبق من دينك إلا الإخلاص وحبال السفينة أصحاب الدين.
--------------------------------------------------------------------------------
وأحواله والسفينة والغرق والأنهار والآبار والمياه وظروفها من الدلاء والخوابي والجرر والكيزان
البحر: في التأويل سلطان مهيب قوي كما أن البحر أعظم الأنهار.
الماء: يدل على الإسلام والعلم وعلى الحياة والخصب والرخاء لأنّ به حياة كل شيء كما قال الله تعالى: " لأسْقَيْنَاهًمْ مَاءً غَدَقَاً لِنَفْتِنَهًمْ فيهِ " .
وربما دل على النطفة لأنّ الله تعالى سماها ماء والعرب تسمي الماء الكثير نطفة ويدل على المال لأنّه يكسسب به فمن شرب ماء عذباً صافياً من بئر أو سقاء ولم يستوعب آخره فإن كان مريضاً أفاق من علته ودامت حياته ولم تتعجل وفاته وإن لم يكن مريضاً تزوج إن كان عزباً لتلذذه بشربه ونزول الماء من أعلاه إلى ذكره وإن كان متزوجاً ولم ينكح أهله في ليلة اجتمع معها وتلذذ بها.
وإن لم يكن شيء من ذلك أسلم إن كان كافراً ونال علماً إن كان صالحاً وللعلم طالباً وإلا نال ديناً حلالاً إن كان تاجراً إلاّ أن يدخل على الماء ما يفسده فيدل ذلك على حرامه وإثمه مثل أن يشربه من دور أهل الذمة فإما علم فاسد أو وطء رديء أو مال خبيث.
وإن كان الماء كدراً أو مراً أو منتناً فإنّه يمرض أو يفسد كسبه أو يتمرر عيشه أو يتغير مذهبه لكل إنسان على قدره وما يليق به وبالمكان الذي شرب منه والإناء الذي كان فيه.
وأما من حمل ماء في وعاء فإن كان فقيراً أفاد مالاً وإن كان عزباً تزوج وإن كان متزوجاً حملت زوجته أو أمته منه إن كان هو الذي أفرغ الماء في الوعاء أو زوجته أو خادمه من بئره أو وزيره أو قريبه.
وأما جريان الماء في البيوت ودخوله إلى الدور فلا خير فيه فإن كان ذلك عاماً في الناس دخلت عليهم فتنة أو مغرم أو سبي أو أسقام أو طواعين وإن كان ذلك في دار مخصوصة نظرت في أمرها فإن كان فيها مريض مات فسعى الناس إليه في نعيه بالبكاء والدموع.
وكذلك إن سالت في البيت ميازيب أو انفجرت فيه عيون فإنها عيون باكية على موت المريض أو عند وداع المسافر أو في شر ومضاربة بين ساكنيه أبلاء يحل فيه من مرض أوسلطان.
وكذلك جريان الماء أو ركوده يؤذن باجتماع جمع من الناس.
وجريانه في أماكن النبات يؤذن بالخصب وكثرته وغلبته على المساكن والدور من عيون الأرض أو سيولها بلاء من الله عزّ وجلّ على أهل ذلك المكان إما طاعون جارف أو سيف مبيد إن تهدمت له المساكن وغرق فيه الناس وإلا كان عذاباً من السلطان أو جائحة من الجوائح.
فإن رأىِ أنّه أعطي ماء في قدح دل ذلك على الولد وإن شرب ماء صافياً في قدح نال خيراً من ولده أو زوجته لأنّ الزجاج من جوهر النساء والماء جنين.
وقال بعضهم: من رأى كأنّه
يشرب ماء سخناً أصابه غم فإن رأى أنّه ألقى في ماء صاف سر مفاجأة.
وقيل أنِّ عين الماء لأهل الصلاح خير ونعمة لقوله تعالى: " فيهمَا عَيْنَان تَجْرِيَان " .
ولغير أهل الصلاح مصيبة.
وانفجار الماء من حائط حزن من الرجال مثل أخ أو صهر أو صديق فإن رأى أن الماء انفجر وخرج من الدار فإنّه يخرج من الهموم كلها وإن لم يخرج منها فإنه هم دائم.
فإن كان ذلك المكان صافياً فهو حزن في صحة جسم.
وهذا كله في العين إذ لم تكن جارية فإن كانت جارية فهو خير جار لصاحبه حياً وميتاً إلى يوم القيامة.
وقال بعضهم من رأى كأنّ في داره عين ماء جارية فإنّه يشتري جارية.
وإذا رأى كأنّ عيوناً انفجرت فإنّه ينال أموالاً في توبيخ.
والماء الصافي رخص الأسعار وبسط العدل ومن رأى كأنّه شرب ماء كثيراً أكثر من عادته في اليقظة فإن عمره يطول.
وقيل إنَّ شرب الماء سلامة من العدو ومضغه معالجة الكد والشدة في المعيشة.
وبسط اليد في الماء تقليب مال وتصرف فيه.
والماء الراكد أضعف من الماء الجاري في كل حال وقيل أنّ الماء الراكد حبس فمن رأى أنّه سقط في ماء راكد فهو في حبس وغم والماء المالح غم وأما الأسود إذا نزح من البئر فإنّها امرأة يتزوجها ولا خير فيها.
وقيل أنَّ رؤية الماء الأسود خراب الدور وشربه ذهاب البصر.
والماء الآسن عيش نكد والماء المنتن مال حرام والماء الأصفر مرض وغور الماء عزل وذل وزوال النعمة لقوله تعالى: " قُلْ أرَأَيْتُمْ إنْ أصبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرَاً فَمَنْ يَأتِيَكُمْ بمَاءٍ مَعِينٍ " .
والماء الحار الشديد الحرارة إذا رأى كأنّه استعمله بالليل أو بالنهار أصابته شدة من قبل السلطان وإذا رأى كأنّه استعمله بالليل أصابه فزع من الجن.
والماء الكدر عسر وتعب وشربه مرض.
وزبد الماء مال لا خير فيه.
ومن شرب من ماء البحر وهو كدر أصابه هم من الملك.
وِمن رأى كأنّه نظر في ماء صاف فرأى وجهه فيه كما يراه في المرآة فإنّه ينال خيراً كثيراً.
فإن رأى وجهه فيه حسناً فإنّه يحسن إلى أهل بيته.
وصب الماء إنفاق المال في غير ظروفه من صرة أو ثوب دليل الغور لأنّه يظن أنّه أحرزه ولم يحرزه.
والوضوء من ماء لا يكره صافياً كان أو كدراً حاراً أو بارداً بعد أن يكون نظيفاً يجوز به الوضوء لأنّ الوضوء أقوى في التأويل من مخارج الماء واختلافه.
ويكره من العيون ماء كدر لم يجر.
والمشي فوق الماء غرور ومخاطرة فإن خرج منه قضيت حوائجه.
ومن رأى أنّه في ماء عميق كثير ونزل فيه فلم يبلغ قعره فإنّه يصيب دنيا كثيرة ويتمول وقيل بل يقع في أمر رجل كبير.
والاغتسال بالماء البارد توبة وشفاء من المرض والخروج من الحبس وقضاء الدين والأمن من الخوف.
ومن رأى كأنّه يشرب ماء كثيرأ عذباً كان طول حياة وطيب عيش فإن شربه من البحر نال مالاً من الملك وإن شربه من النهر ناله من رجل حاله في الرجال كحال ذلك النهر في الأنهار وإن استقاه من بئر أصاب مالاً بحيلة ومكر.
ومن رأى أنّه يستقي ماء ويسقي به بستاناً وحرِثاً أفاد مالاً من امرأة فإن أثمر البستان أو سنبل الزرع أصاب من تلك المرأة مالاً وولداً وسقي البستان والزرع مجامعة امرأته.
والماء في قدح زجاج ولد فإن انكسر القدح وبقي الماء ماتت الأم وبقي الولد وإن ذهب الماء وبقي القدح مات الولد وبقيت الأم.
سئل ابن سيرين عن امرأة رؤي لها أنّها تسقي الماء فقال: لتتق الله هذه المرأة ولا تسعى بين الناس بالكذب.
وجاءه رجل فقال: رأيت كأنّي أشرب من خرق ثوبي ماء لذيذاً بارداً فقال: اتق الله ولا تخلون بامرأة لا تحل لك فقال: إنّما هي امرأة خطبتها إلى نفسي.
البحر: أما البحر فدال على كل من له سلطان على الخلق كالملوك والسلاطين والجباة والحكام والعلماء والسادات والأرواح لقوته وعظيم خطره وأخذه وعطائه وماله وعلمه ماؤه وموجه رجاله أو صولاته أو حججه وأوامره وسمكه رعيته ورجاله أرزاقه وأمواله أو مسائله وحكمه ودوابه قواده وأعوانه وتلاميذه وسفنه عساكره ومساكنه ونساؤه وأمناؤه وتجاراته وحوانيته أو كتبه ومصاحفه وفقهه.
وربما دل البحر على الدنيا وأهوالها تعز واحداً وتموله وتفقر آخر وتقتله وتَملكه اليوم وتقتله غداً وتمهد له اليوم وتصرعه بعده.
وسفنه أسواقها ومواسمها وأسفارها الجارية تغني أقواماً وتفقر آخرين.
ورياحه أرزاقها وأقبالها وحوادثها وطوارقها وأسقامها وسمكه رزقها وحيوانه وربما دل البحر على الفتنة الهائجة المضطربة الفائضة وسفنه عصمة الله تعالى لمن عصم فيها وأمواجه ترادفها وسمكه أهلها الخاطئون فيها الذين لا يرحم صغيرهم كبيرهم بل يأكله ويستأكله ويهلكه إن قدر عليه ودوابه رؤساؤها وقادتها وأهل البأس والسر فيها.
وربما دل على جهنم وسفنه كالصراط المنصوب عليها فناج ومخدوش م ومكدوس وغريق في النار وأمواجه زفيرها.
فمن رأى نفسه في بحر أو رؤى له ذلك فإن كان ميتأ فهو في النار لقوله تعالى: " أُغْرِقُوا فادْخِلوا نَارَاً " .
فكيف بالميت إن كان غريقاً.
وإن كان مريضاً اشتدت به علته وعظم بحرانه فإن غرق فيه مات من علته وإن لم يكن مريضاً داخل سلطاناً إن كان ذلك في الصيف وفي هذه البحر أو يسبح في العلم ويخالط العلماء أو يتسع في الأموال والتجارة على قدر سبحه في البحر واقتداره على الماء فإن غرق في حاله ولم يمت في غرقه ولا أصابه وجل ولا غم تبحر فيما هو فيه ومنه قولهم غرق فلان في الدنيا وغرق في النعيم والعلم ومع السلطان فإن مات شي غرقه فسد دينه وساء قصده في مطلوبه لاجتماع المولد والغرق.
أما إن دخله أو سبح فيه في الشتاء والبرد أو في حين ارتجاجه نزل به بلاء من السلطان إما سجن أو عذاب أو يناله مرض واستسقاء ورياح ضارة أو يحصل في فتنة مهلكة.
فإن غرق في حينه قتل في محلته أو فسد دينه في فتنة.
ومن أخذ من مائه فشربه أو اقتناه جمع مالاً من سلطان مثله أو كسب من الدنيا نحوه.
ومن دخل البحر فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من الملك الأعظم أو من سلطان ذلك المكان.
ومن قطع بحراً أو نهراً إلى الجانب الآخر قطع همساً وهولاً أو خوفاً وسلم منه.
وقال بعضهم: من رأى البحر أصاب شيئاً كان يرجوه ومن رأى أنّه خاض البحر فإنّه يدخل في عمل الملك ويكون منه على غرر فإن شرب ماءه كله فإنّه يملك الدنيا ويطول عمره ويصيب مثل مال الملك أو مثلِ سلطانه أو يكون نظيره في ملكه.
فإن شربه حتى روي منه فإنّه ينال من الملك مالاً يتمول به مع طول حياته وقوته فإن استقى منه فإنّه يلتمس من الملك عملاً ويناله بقدر ما استقى منه فإنَّ صبه في إناء فإنّه يجني مالاً كثيراً من ملك أو يعطيه الله تعالى دولة يجمع فيها مالاً والدولة أقوى وأوسع وأدوم من البحر لأنّها عطية الله.
ومن اغتسل من البحر فإنّه يكفر عنه ذنوبه ويذهب همه بالملك.
ومن بال في البحر فإنه يقيم على الخطايا.
ومن رأى البحر من بعيد فإنّه يرى هولاً وقيل يقرب إليه شيء يرجوه.
ورؤية البحر هادئاً خير من أن تكون أمواجه مضطربة.
والبحيرة: تدل على امرأة ذات يسار تحب المباشرة لأنّ البحيرة واقفة لا تجري وهي تقتل من يقع فيها ولا تدفعه.
والموجِ شدة وعذاب لقوله تعالى: " غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُلَل " .
وقال تعالى: " وحَالَ بَيْنهمَا الموج " .
وحكي أن تاجراً رأى كأنّه يمشي في البحر ففزع فزعاً شديداً لهيبة البحر فقص رؤياه على معبر.
فقال: إن كنت تريد السفر فإنّك تصيب خيراً.
وذلك أنّ رؤياه تدل على ثبات أموره.
ورأى رجل كأنّ ماء البحر غاض حتى ظهرت حافتاه.
فقصها على ابن مسعدة فقال: بلاء ينزل على الأرض من قبل الخليفة أو قحط في البلدان أو سلب مال الخليفة.
فما كان إلا يسيراً حتى قتل الخليفة ونهب ماله وقحطت البلدان.
ومن رأى كأنّه أخرج من البحر لؤلؤة استفاد من الملك مالاً أو جارية أو علماً.
وإذا رأى أنّ ماء البحر أو غيره من المياه زاد حتى جاوز الحد وهو معنى المد حتى دخل الدور والمنازل والبيوت فأشرف أهلها على الغرق فإنّه يقع هناك فتنة عظيمة.
والأصل في الماء الغالب هم وفتنة لأنّ الله تعالى سمى غلبته وكثرته طغيانَاً وقال إنّ الغرق يدل على ارتكاب مصيبة كبيرة وإظهار بدعة والموت في الغرق موت على الكفر.
وأما الكافر إذا رأى أنّه غرق في الماء فإنّه يؤمن لقوله تعالى: " حتّى إذَا أدرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ " .
ومن رأى كأنّه غرق وغاص في البحر فإنَّ السلطان يهلكه.
فإن رأى كأنّه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو مرة ويحرك يديه ورجليه فإنّه ينال ثروة ودولة.
فإن رأى كأنّه خرج منه ولم يغرق فإنّه يرجع إلى أمر الدين خصوصاً إذا رأى على نفسه ثياباً خضراً.
وقيل من رأى أنّه مات غريقاً في الماء كاده عدوه والغرق في الماء الصافي غرق في مال كثيرة.
وأما السباحة: فمن رأى أنّه يسبح في البحر وكان عالماً بلغ في العلم حاجته فإن سبح في البر فإنّه يحبس وينال ضيقاً في محبسه ويمكث فيه بقدر صعوبة السباحة أو سهولتها وبقدر قوته.
فإن رأى أنّه يسبح في واد مستوياً حتى يبلغ موضعاً يريده فإنّه يدخل في عمل سلطان جائر جبار يطلب منه حاجة يقضيها له ويتمكن منه ويؤمنه الله تعالى على قدر جريه في الوادي.
فإن خافه فإنّه يخاف سلطاناً كذلك وإن نجا فإنّه ينجو منه وإن دخل لجة البحر وأحسن السباحة فيها فإنّه يدخل في أمر كبير وولاية عظيمة ويتمكن من الملك وينال عزاً وقوة.
وإن سبح على قفاه فإنّه يتوب ويرجع عن معصية.
ومن سبح وهو يخاف فإنّه ينال خوفاً أو مرضاً أو حبساً وذلك بقدر بعده من البر.
وإن ظن أنّه لا ينجو منه فإنّه يموت في ذلك الهم وإن كان جريئاً في سباحته فإنّه يسلم من ذلك العمل.
وإن رأى سلطان أنّه يريد أن يسبح في بحر والبحر مضطرب بموجه فإنّه يقاتل ملكاً من الملوك فإن قطع البحر بالسباحة قتل ذلك الملك.
وكل بحر أو نهر أو واد جف فإنّه ذهاب دولة من ينسب إليه فإن عاد الماء عادت الدولة.
وقيل إذا رأى الإنسان كأنّه قد نجا من الماء سباحة قبل انتباهه من نومه فهو خير من أن ينتبه وهو في الماء يسبح.
وقيل من رأى كأنّه يسبح خاصم خصماً وغلب خصمه ونصر عليه.
والمشي فوق الماء في بحر أو نهر يدل على حسن دينه وصحة يقينه وقيل بل يتيقن أمراً هو منه في شك وقيل يسافر سفراً في خطر على توكل.
ومن رأى كأن الماء يجري على سطحه أصابته بلية من السلطان دالة على رجِل المسلط الذي لا يقدر عليه إلا بملاطفة لجريانه وسلطانه.
والراكد منه أهون مراماً وألطف أمراً ويدل على المحارب القاطع للطريق فإن كان مسافراً قطع عليه الطريق لص أو أسد أو عقله عن سفره مطر أوِ سلطان أو صاحب مكس.
وإن كان حاضراً نالته غمة وبلية لقوله تعالى: " مُبْتَلْيِكُمْ بِنهْر " .
وأما سلطان يقدم إليه سيما إن دخل فيه.
فإما أن يسجنه أو يأمر بضربه أو يناله حزن إذا كان قد ناله منه وجل أو منعه من الخلاص منه تياره فإما مرض يقع فيه من برد أو استسقاء فكيف إن كان ذلك في الشتاء وكان ماؤه كدراً فهو أشد في جميع ما يدل عليه فإن قطعه وجاوزه أو خرج منه نجا من كل ما هو فيه من الغم والأسقامٍ ومن كل ما يدل عليه من البلايا والأحزان.
ومن استقى من نهر فشرب أصاب مالاً من رجل خطير كقدر ذلك النهر.
ومن دخل نهراً فأصابه من قعره وحل أو طين أصابه هم من رجل حاله كحالة ذلك النهر في الأنهار.
ومن قطع نهراً إلى الجانب الآخر قطع هماً أو هولاً أو خوفاً وسلم منه إن كان فيه وحل.
والنهر الكبير: الغالب رجل منيع ذو سلطان ودخول السلطان إليه وصفاء الماء عدل السلطان ورجوع الماء إلى وراء عزل السلطان وعلو الماء فوق المقدار علو من ذلك السلطان فوق مقداره وصعوده السطح قهر السلطان رعيته وإخلاله بالجذوع أسره للرجال وذهاب الماء بالطعام إغارة السلطان على أموالهم وذهابه بالفرش سبيه لنسائهم وحفر النهر إصابة مال وكذلك الماء فيه وكذلك رؤية الرجل الماء في بستانه رزق يساق إليه لقوله تعالى: " نَسُوقُ المَاءَ إلى الأرْض الجُرزِ " .
فان رأى كأنّه وقع في ماء ثم خرج منه فإنّه يقع في حزن ثم يخرج منه.
فإن رأى كأنه وثب من النهر إلى شطه فإنّه ينجو من شر السلطان وينال ظفراً على الأعداء لقوله تعالى: " فَلَمّا جَاوَزَهُ هُوَ والذِينَ آمَنُوا مَعَهُ " .
وأما دجلة: فمن شرب ماءها فإنّه ينال الوزارة إن كان من أهلها ويصيب مال الوزير.
ومن رأى أنّه يشرب من ماء الفرات نال بركة ونفعاً ونعمة.
فإن رأى أنّ ماء الفرات قد يبس فإنّه يموت الخليفة أو يذهب ماله وربما وقع التأويل على وزير الخليفة.
ومن شرب من نهر النيل فإنّه ينال ذهباً بقدر ما شرب.
ومن رأى أنّ ماء الوادي غمره من غير أن يغرق فيه فإنّه يصيبه غم غالب.
وإن خرج منه نجا من الغم وإن رأى الإنسان كأن ماء النهر يختطفه أو شيئاً منِ دوابه أو متاعه أو يذهب به فإنّه مضر وخسران له فإن رأى كأنّ يجري إلى بيته نهراً صافي الماء دل على يسار ومال وقيل أنّ ذلك للغني علة تصيبه ومنفعة تكون لأهل البيت.
فإن رأى نهراً يجري من بيته والناس يشربون منه فإنّه إن كان غنياً أو ذا شرف فذلك يدل على خير ومنافع تكون منه لأهل البلد يكرمهم وينفق عليهِم ويأتي منزله قوم كثيرون محتاجون وينالون منه منفعة وإن كان صاحب الرؤيا فقيراً فإنّه يطرد امرأته أو ابنه أو أحداً من بيته بسبب زنا أو فعل قبيح.
فإن رأى أنّه يجري إلى بيته ماء صافياً دل على يسار ومال.
السواقي: الساقية تدل على مجرى الرزق ومكانه وسببه كالحانوت والصناعة والسفر ونحو ذلك.
وربما دل على القروح لمدها بالماء فهي مجراه مع سبقها البساتين وربما دلت على السقاء والسقاية لحملها للماء ومجيئها به.
وربما دلت على محجة طريق السفر لسير المسافرين عليها كالماء.
وربما دلت على الخلق لأنّه ساقية الجسم.
وربما دلت على حياة الخلق إن كانت للعامة أو حياة رأسها إن كانت خاصة.
فمن رأى ساقية تجري بالماء من خارج المدينة إلى داخلها في أخدود بماء صاف والناس يحمدون الله عليها أو يشربون من مائها ويملؤون آنيتهم منها فانظر إلى ما فيهم فإن كانوا في وباء انجلى عنها وأمدهم الله سبحانه بالحياة وإن كانوا في شدة أتاهم الله بالرخاء إما بمطر دائم أو رفقة بالطعام وإن لم يكونوا في شيء من ذلك أتتهم رفقة بأموال كثيرة لشراء السلع وما كسد عندهم من المتاع وإن كان ماؤها كدراً أو مالحاً أو خارجاً على الساقية مضراً بالناس فإنّه سوء يقدم على الناس وشر فيهم إما سقم عام كالزكام في الشتاء والحمى في الصيف أو خبر مكروه على المسافرين أو غنائم حرام وأموال خبيثة تدخل على قدر الرؤيا وزياداتها.
وأما من رآها جارية إلى داره أو حانوته فدليلها عائد عليه في خاصته على قدر صفائها
وطيب مائها واعتدال جريانها.
ومن رآها جارية إلى بستانه أو فدانه نظرت في حاله فإن كان عزباً تزوج أو اشترى جارية ينكحها فإن كانت له زوجة أو جارية وطئها وحملت منه إن شربت أرضه أو بستانه أو نبت نباته وإن رأى جريانها شنعاً بخلاف ما تجري السواقي به إن كان ماؤها دماً فإنّ أهله ينكحها غيره إما في عصمته أو من بعد فرقه على قدر حاله وما في زيادة منامه.
وقال بعضهم: الساقية التي يسدها الرجل الواحد ولا يغرق فيها فهي حياة طيبة لمن ملكها خاصة إذا نقص الماء من مجراه المحدود في الأرض فإن فاض عن مجراه يميناً وشمالاً فهو هم وحزن وبكاء لأهل ذلك الموضع وكذلك لو جرت الساقية في خلال الدور والبيوت فإنّها حياة طيبة للناس.
حكي أنّ رجلاً رأى ساقية مملوءة زبلاً وكناسة وقد كان أخذ مجرفة ونظف تلك الساقية وغسلها بماء كثير لتكون جرية الماء فيها سريعة صافية فعرض له أنّه أصبح من الغد وقد احتقن وأسهل طبيعته.
الحوض: رجل سلطان شريف نفاع فإن رأى حوضاً ملآن فإنّه ينال كرامة وعزاً من رجل سخي.
فإن توضأ منه فإنه ينجو من هم.
القنوات: القناة تدل على خادم الدار لما يجري فيها من أوساخ الناس وأهلها وربما دلت على الفرج الحرام سيما الجارية في الطرقات والمحلات المبذولة لكل من يطأ عليها ويبول فيها لقذارتها لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كنى عن الفاحشة بالقاذورة.
وربما دلت على الفرج والغمة لأنه فرج أهل الدار إذا جرت وهمهم إذا انحسرت أو انسدت.
فمن رأى قناة داره قد انسدت حملت خادمه أو نشزت زوجته أو منعته نفسها فاهتم لذلك أو سدت عليه مذاهبه فيما هو له في اليقظة طالب من رزق أو نكاح أو سفر أو خصومة.
وقد يدل ذلك على حصر يصيبه من تعذر البول.
وأما القناة المجهولِة فمن بال فيها دماً أو سقط فيها وتخضب بمائها وتلطخ بنجاستها أتى امرأة حراماً بزنا أو غير ذلك إن لاق ذلك به وإلا وقع في غمة وورطة من سبب خادم أو امرأة أو غير ذلك على قدر زيادة الرؤيا وما في اليقظة.
والناعورة: خادم يحفظ أموال الناس في السر وقيل الدواليب والنواعير دوران التجارات
والأموال وانتقال الأحوال على السفر.
الجرة: أجير منافق يجري على يديه مال ويؤتمن عليه وشرب الماء منها مال حلال وطيب عيش.
فمن رأى أنّه شرب نصف مائها فقد نفد نصف عمره فإن شرب أقل أو أكثر فتأويله ما بقي أو نفد من عمره وكذلك في سائر الأواني فقِس عليه.
وقيل الجرة امرأة أو خادم أو عبد وربما دلت إذا كانت مملوءة زيتاً أو عسلاً أو لبناً لأهل الدنيا على المطمورة والمخزن والكيس وعلى العقدة ومن بدرة فأقل.
وكذلك سائر أوعية الفخار من الكيزان والقلال وغيرها تجري مجرى الجرة.
الكيزان: هي الجواري والخدم والمستحبون للنكاح والوطء فمن شرب منها أفاد مالاً من جهنم وانكسار مؤنهم.
وقال بعضهم: من رأى أنّه شرب ماء في موضع غير مألوف على ظهر سفرة في إناء مجهولة من يد ساق مجهول فإنّه قد نفد من عمره بقدر ما شرب من الإناء.
وربما كان ذلك نفاد رزقه من البلدة الذي هو فيها أو المحلة أو السوق وأشباه ذلك.
وكل ماء عذب في إناء فهو مال مجموع حلال.
والبرادة: قيل هي امرأة رئيسة رفيعة نافعة ذات خدم كثيرة.
والخابية: امرأة خيرة والشرب منها مال يناله من قبلها.
ومن رأى كأنّه استقى ماء وصبه في خابية فإنّه يحتال مالاً ويودعه لامرأة.
والخابية تجري مجرى الزير.
زير الماء: وهو الحب يدل على قيم الدار ويدل على مخزنه وحانوته وعلى زوجته الحاملة لمائه والقربة دالة على نحو ما دل عليه.
الزير والبربخ: رجل حازم قد جرب السلطان وإذا جرى الماء فيه فإنّه وال وإذا لم يجرِ فيه فإنه معزول.
حكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي أشرب من قلة ضيقة الرأس.
قال تراود جارية عن نفسها.
وسئل ابن سيرين عن رجل أخذ جرة وأوثق فيها حبلاً وأدلاها في ركية فلما امتلأت الجرة انحل الحبل وسقطت الجرة.
فقال: الحبل ميثاق والجرة امرأة والماء فتنة والركية مكر وهذا رجل بعثه صاحب له يخطب عليه امرأة فمكر الرجل وتزوجها.
فقال: امرأتك حامل قال نعم.
قال: فإنّها تموت ويبقى الولد.
الدلو: رجل يستخرج أموالاً بالمكر فمن رأى أنّه يدلو من بئر ماء ويحوي الماء في إنائه فإنّه يحوي مالاً من مكر.
فإن رأى أنّه يفرغه في غير إناء فإنّه لم يلبث معه ذلك الماء حتى يذهب وتذهب منافعه عنه.
فإن سقاه بستانه فإنّه يصيب به امرأة ويصيب منها إصابة.
فإن أثمر البستان أصاب منها ولداً على نحو ما يرى من تمام ذلك.
فإن رأى بئراً عتيقة فسقى منها إبلاً أو أناساً أو بهائم فهو يعمل خير الأعمال وأشرفها من البر على قدر قوته وجده فيه وهو بمنزلة الراعي الذي يفرغ الماء من البئر على رعيته من الإبل والشاء.
ومن رأى أنّه يدلو من بئر عتيقة ويسقي الحيوان فهو مراء لدين أو لدنيا بقدر قوته عليها.
وإن رأى أنّه يدلو لنفسه خاصة فهو يبلغ في عمله بمصلحة دنيا بمقدار قوته لنزعة الدلو لدنياه خاصة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت كأني على قليب أنزع على غنم سود ثم أخذ أبو بكر الدلو بعد ونزع ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف و الله يغفر له ثم أخذ الدلو من بعده عمر بن الخطاب وخالط الغنم غنم بيض فاستحالت الدلو في يده غرباً فلم أر عبقرياً من الرجال يفري فريك يا ابن الخطاب.
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن عباس فقال: رأيت كأنّي أدليت دلواً في بئر وامتلأ ثلثا الدلو وبقي الثلث.
فقال: غبت عن أهلك منذ ستة أشهر وامرأتك حامل وستلد لك غلاماً.
فقال: ما الدليل قال: لأني جعلت البئر امرأة والبشارة التي كانت في الجب كان يوسف عليه السلام فعلمت أنّه غلام وأما ثلثا الدلو فستة أشهر والثلث الباقي ثلاثة أشهر.
فقال: صدقت قد ورد كتابها بأنّها حامل منذ ستة أشهر.
والبكرة: رجل نفاع مؤمن يسعى في أمور الناس من أمور الدنيا والدين فمن رأى أنّه يستقي بها ماء ليتوضأ به فإنّه يستعين برجل مؤمن معتصم بدين الله تعالى لأنّ الحبل دين.
فإن توضأ وتم وضوءه به فإنه يكتفي كل هم وغم ودين.
وقيل الدلو يدل على من ينسب إلى المطالبة ومنه دلونا إليه بكذا وكذا أو توسلنا فمن أدلى دلوه في بئر نظرت في حاله فإن كان طالب نكاح نكح فكان عصمته وعهده النكاح والدلو ذكره وماؤه نطفته والبئر زوجته وإن كان عنده حمل أتاه غلام كما في قوله تعالى: " فَأدْلَى دَلْوَه قَالَ يا بُشْرَى هَذَا غلاَم " .
وإلا أفاد فائدة من سفر أو مطلب لأنّ السيارة وجدوا يوسف عليه السلام حين أدلوا دلوهم فشروه وباعوه بربح وفائدة قال الشاعر:
وما طلب الـمـعـيشة بـالـتـمـنـيِ ولـكـن ألـق دلـوك فـي الـــدلاء
تجـيء بـمـلـئهـا طـوراً وطـوراً تـجـيء بـحـمـأة وقــلـــيل مـــاء
وإن كان المستقي بالدلو طالباً للعلم كانت البئر أستاذه الذي يستقي منه علمه وما جمعه من الماء فهو حظه وقسمه ونصيبه.
السفينة: دالة على كل ما ينجى فيه مما يدل الغرق عليه لأنّ الله سبحانه نجى بها نوحاً عليه السلام والذين معه مما نزل بالكفار من الغرق والبلاء.
وتدل على الإسلام الذي به ينجى من الجهل والفتنة.
وربما دلت على الزوجة والجارية التي تحصن وينجى بها من النار والفتن لأنّ الله سبحانه سماها جارية.
وربما دلت على الوالد والوالدة اللذين كانت بهما النجاة من الموت والحاجة لا سيما أنها كالأم الحاملة لولدها في بطنها.
وربما دلت على الصراط الذي عليه ينجو أهل الإيمان من النار وربما دلت على السجن والهم والعقلة إذا ركدت لقصة يونس عليه السلام.
فمن رأى أنّه ركب سفينة في البحر فانظر إلى حاله ومآل أموره فإن كان كافراً أسلم سيما إن كان صعد إليها من وسط البحر من بعدما أيقن بالهلاك وإن كان مذنباً تاب من ذنبه.
وإن كان فقيراً استغنى من بعد فقره.
وإن كان مريضاً أفاق من مرضه إلا أن يكون ركبها مع الموتى وكان في الرؤيا ما يؤكد الموت فيكون ركوبها نجاة من فتن الدنيا.
وإن كان مفيقاً وكان طالب علم صحب عالماً أو استفاد علماً ينجو به من الجهل لركوب موسى مع الخضر عليه السلام في السفينة.
وإن رأى ذلك مديون قضى دينه وزال همه.
وإن رأى ذلك محروم ومن قدر عليه رزقه.
أتاه الله الرزق من حيث لا يحتسب إذا كانت تجري به في طاروسها فيدل ذلك على ريح الربح وطاروس الإقبال.
وإن رأى ذلك عزب تزوج امرأة أو اشترى جارية تحصنه وتصونه.
وإن رأى فيها ميتاً في دار الحق نجا وفاز برحمة الله تعالى من النار وأهوالها.
وكذلك في المقلوب لو رأى من هو في البحر كأنّه في المحشر وقد ركب على الصراط أوجازه فإنّه ينجو في سفينته وممره من هول بحره وحوادثه إلا أن يكون أصابه في المنام في ممره من النار سوء فإنه يناله في البحر مثل ذلك ونحوه.
وإن جرت بمسجون نجا من سجنه وتسبب في نجاته وإن وصل إلى ساحل البحر أو نزل إلى البر كان ذلك أعجل وأسرع وأحسن.
وأما إن رأى السفينة راكدة وأسواج البحر عاصفة دام سجنه إن كان مسجوناً وطال مرضه إن كان مريضاً
ودام تعذر الرزق عليه وعجز عن سفر إن حاول ذلك وتعذر عليه الوصول إلى زوجته إن كان قد عقد عصمتها وفتر عن طلب العلم إن كان طالباً لا سيما إن كان ذلك في الشتاء وارتجاج البحر.
وقد يدل ذلك على السجن لما جرى على يونس عليه السلام من الحبس في بطن الحوت حين وقفت سفينته.
إلا أنّ عاقبة جميع ما وصفناه إلى خير إن شاء الله ونجاة لجوهر السفينة وما تقدم لها وفيها من نجاة نوح عليه السلام ونجاة الخضر وموسى عليهما السلام ونجاة السفينة من الملك الغاضب لأنّ الخضر عابها وخلع لوحاً من ألواحها مع حسن عاقبة يونس عليه السلام من بعد حاله وما نزل به.
ولذلك قالوا لو عطبت السفينة أو انفتحت لنجا من فيها إلا أن يخرج راكبها إلى البر أو يسعى به فيه فلا خير فيه.
فإن كان مريضاً مات وصار إلى التراب محمولاً حملاً شنيعاً فإن كان في البحر عطب فيه ولعل مركبه تنكسر لجريانه في غير مجراه.
بل من عادته في اليقظة إذا دفع بطاروسه إلى البر انكسر وعطب.
وإن رأى طالب علم أنّ سفينته خرجت إلى البر ومشت به عليه خرج في علمه وجدله إلى بدعة أو نفاق أو فسوق لأنّ الفسوق هو الخروج عن الطاعة وأصل البروز والظلم ومنع الشيء في غير مكانه فمن ركوب السفينة من الماء الذي به نجاتها وهو عصمتها إلى الأرض التي ليس من عادتها أن تجري عليها فقد خرج راكبها كذلك عن الحق والعصمة القديمة.
فإن لم يكن ذلك فلعلّه يحنث في زوجته ويقيم معها على حالته أو لعله يعتق جاريته ويدوم في وطئها بالملك أو لعل صناعته تكسد ورزقه يتعذر فيعود يلتمسه من حيث لا ينبغي له.
وأما إن جرت سفينته في الهواء على غير الماء فجميع ما دلت عليه هالك إما عسكر لما فيها من الخدمة والريش والعدة وإما مركوب من سائر المركوبات وقد تدل على نعش من كان مريضاً من السلاطين والحكام والعلماء والرؤساء وقال بعضهم: من رأى أنّه في سفينة في بحر داخل ملكاً عظيماً أو سلطاناً.
والسفينة نجاة من الكرب والهم والمرض والحبس لمن رأى أنّه ملكها.
فإن رأى أنّه فيها كان في ذلك إلا أن ينجو فإن خرج منها كانت نجاته أعجل فإن كان فيها وهو على أرض يابسة.
كان الهم أشد والنجاة أبعد فإن رأى وال معزول أنّه ركب في سفينة فإنّه يلي ولاية من قبل الملك الأعظم على قدر البحر ويكون الولاية على قدر أحكام السفينة وسعتها وبعد السفينة من البر بعده من العزل.
وقيل إنّ ركوب السفينة في البحر سفر في شدة ومخاطرة وبعدها من البر بعده من الفرج.
وإن كان في أمر فإنّه يركب مخاطرة فإن خرج منها فإنّه ينجو ويعصي ربه لقوله تعالى: " فَلَمّا نَجّاهُم إلىَ البَرِّ إذَا هُمْ يُشْرِكُون " .
فإن كان صاحب الرؤيا قد ذهبت دولته أو كان تاجراً قد ضاعت تجارته فإنَّ السفينة رجوع ذلك.
فإن غرقت السفينة وتعلق منها بلوح فإنَّ السلطان يغضب عليه إن كان والياً ثم ينجو وترجع إليه الولاية.
وإن كان تاجراً فهو نقصان ماله ويعوض عنه وإن غرقت فهو بمنزلة الغريق.
ومن رأى أنّه في سفينة في جوف البحر فإنّه يكون في يدي من يخافه ويكون موته نجاة من شر ما يخافه.
وغرق سفينته وتفرق ألواحها مصيبة له فيمن يعز عليه.
وقيل أنّ غرق السفينة سفر في سلامة لقوله تعالى: " سَخّرَ لَكُمْ الفُلْكَ لِتَجْريَ فِي البَحْرِ بأمْره " .
والسفينة المشحونة بالناس سلامة لمن كان فيها في سفر لقوله تعالى: " فأنجيْناه وَمَنْ مَعَهُ في الفُلْكِ المَشْحُونِ " .
وأخذ مجذاف السفينة إصابة علم أو نيل مال من شكوة.
وأخذ حبل السفينة حسن الدين وصحبة الصالحين من غير أن يفارقهم لقوله تعالى: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل الله جَمِيعاً ولا تَفَرّقُوا " .
وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّي في سفينة سوداء لم يبق منها إلا الحبال.
قال: أنت رجل لم يبق من دينك إلا الإخلاص وحبال السفينة أصحاب الدين.
--------------------------------------------------------------------------------